الأثنين 12 ذو القعدة 1445ﻫ

في واحد من أكثر الممرات المائية توترا في العالم، يتوقف خطر اندلاع الحرب المقبلة في آسيا، على سفينة عسكرية صدئة مليئة بالثقوب راسية على شعاب مرجانية في مكان ما بالمحيط الهادئ، وفقا لصحيفة “واشنطن بوست” الأميركية.

بدأت قصة هذه السفينة، التي تعود لحقبة الحرب العالمية الثانية، في عام 1999 عندما تعمدت الفلبين جعلها تجنح في مياه ضحلة وحولتها لقاعدة أمامية للبحرية الفلبينية وذلك من أجل دعم مطالبها في بحر الصين الجنوبي.

أصبحت السفينة “سييرا مادري”، المتوقفة عند منطقة شعب مرجانية تعرف باسم “Second Thomas Shoal” عند جزر سبراتلي، منذ ذلك الحين مركزا للتوترات بين الفلبين والصين، ويمكن أن تجر الولايات المتحدة كذلك إلى صراع مسلح في المحيط الهادئ، بحسب مسؤولين ومحللين أمنيين.

تطالب الصين بالسيادة على معظم مناطق بحر الصين الجنوبي، وفي الأشهر الأخيرة، كثفت جهودها لمنع الفلبين من توفير الإمدادات للأفراد الموجودين على متن السفينة.

وتقول الصحيفة إن تحليل بيانات ومقاطع فيديو خاصة بتتبع السفن العام الماضي تظهر أن سفن خفر سواحل وميليشيات صينية بحرية تجمعت بشكل متكرر في المنطقة وتعرضت لسفن إعادة الإمداد الفلبينية. 

والميليشيات البحرية الصينية هي عبارة عن سفن تمولها الحكومة مسجلة للصيد التجاري، ولكنها تستخدم لإثبات وجود الصين في المياه المتنازع عليها.

كما تعمدت السفن الصينية بشكل متزايد فتح خراطيم المياه من مسافة قريبة، مما أدى في بعض الأحيان إلى تعطيل السفن الفلبينية وإصابة البحارة.

وتبين الصحيفة أن المسؤولين الغربيين والفلبينيين أطلقوا مؤخرا تحذيرات من أن أي تصعيد إضافي قد يؤدي إلى اندلاع صراع مفتوح.

وتنقل الصحيفة عن مسؤولين أميركيين القول أن أي هجوم مسلح على سفينة عسكرية فلبينية، مثل “سييرا مادري”، من شأنه أن يؤدي إلى رد عسكري أميركي بموجب معاهدة الدفاع المشترك مع الفلبين لعام 1951. 

وفي وقت سابق من هذا الشهر قال الرئيس الفلبيني فرديناند ماركوس بعد اجتماعه مع الرئيس الأميركي جو بايدن في واشنطن إن مقتل أفراد خدمة فلبينية على يد قوة أجنبية سيكون أيضا سببا لتفعيل المعاهدة.

أمضت الصين العقود الثلاثة الماضية في توسيع وجودها في بحر الصين الجنوبي، وهو ممر مائي استراتيجي تمر عبره ثلث عمليات الشحن العالمي، وفقا للأمم المتحدة. 

ويقول محللون إن بكين ربما لا تريد بدء الحرب، لكن المواجهات المتكررة في المنطقة بين السفن زادت من احتمال وقوع حوادث غير محسوبة، مما سيزيد من احتمالات اندلاع رد فعل أميركي.

وتشير الصحيفة إلى أن ما يزيد من حالة عدم اليقين بين الفلبين والصين هو مسألة حسم مصير السفينة “سييرا مادري” التي لم تعد صالحة للإبحار وتدهورت حالتها بشدة بعد عقود من التعرض للعوامل الجوية.

يقول الصينيون إن استبدال السفينة بهيكل أكثر استدامة أمر غير مقبول، بينما يشدد كبار المسؤولين الفلبينيين أن البلاد لن تتخلى عن منطقة الشعب المرجانية التي تقف فيها السفينة.

الصين تطالب بالسيادة على معظم مناطق بحر الصين الجنوبي

ويشير الباحث في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن هاريسون بريتات إلى أن التوترات الجيوسياسية في بحر الصين الجنوبي لم تصل في أي وقت من الأوقات، خلال العقود الأخيرة، إلى مثل هذه الحالة الطويلة وغير المستقرة التي وصلتها اليوم.

ويؤكد مسؤولون فلبينيون وأميركيون أنه قبل كل مهمة لإعادة إمداد “سييرا مادري” يتم إطلاع الرئيس الفلبيني وكذلك السفير الأميركي لدى الفلبين. 

وتنقل الصحيفة عن مسؤول بوزارة الخارجية الأميركية القول إن الولايات المتحدة زادت بشكل كبير من انتشار أفراد البحرية في الفلبين في رد مباشر على الوضع في سييرا مادري. 

وأضاف المسؤول، الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، أن الولايات المتحدة لم تقدم مثل هذا الدعم المكثف لعملية عسكرية فلبينية منذ حصار ماراوي في عام 2017، عندما استولى متمردون تابعون لتنظيم داعش على بلدة في جنوب الفلبين.

ويتمحور الصراع بين الصين والفلبين في بحر الفلبين الغربي (المعروف أيضا باسم بحر الصين الجنوبي) نتيجة لسنوات من النزاع الإقليمي حول جزر سبراتلي ــ وهي مجموعة تتألف من 7500 جزيرة وشعاب مرجانية تطالب العديد من الدول بملكيتها.

وتتمتع جزر سبراتلي بموقع استراتيجي على طول طرق التجارة الرئيسية، وهي ذات قيمة باعتبارها مناطق لصيد الأسماك، ومصدرا للموارد الطبيعية الأخرى مثل النفط.

وتطالب فيتنام وتايوان وماليزيا وبروناي أيضا بجزر سبراتلي مستشهدة بالسجلات التاريخية.

وفي السنوات الأخيرة، أظهرت صور الأقمار الصناعية الجهود المتزايدة التي تبذلها الصين لاستصلاح الأراضي في بحر الصين الجنوبي من خلال زيادة حجم الجزر فعليا أو إنشاء جزر جديدة تماما.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version